! Ghloussi to Baitas: You Buried Integrity Laws and Talked About Fighting Corruption
حين يتحوّل شعار “محاربة الفساد بالقانون” إلى شعارٍ لتبرير الفساد باسم القانون…
حين قال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، في لقاءٍ تلفزيوني الأسبوع الماضي، إن “الفساد يجب محاربته بالقانون”، استعاد المغاربة مشهدًا مألوفًا من المفارقة: أن يُستعمل القانون في الخطاب كسلاحٍ ضد الفساد، بينما يتحوّل في الواقع إلى رهينةٍ في يد من يملكون مفاتيحه.
فمنذ سنوات، لم تُفعَّل أيٌّ من النصوص التي كان يُفترض أن تُعيد الثقة إلى المؤسسات وتردع المتلاعبين بالمال العام، بينما تتكرّر خطابات “التخليق” و”الشفافية” بلا أثرٍ ملموس.
الناشط الحقوقي محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أعاد إشعال النقاش من جديد، بعدما ردّ على تصريح بايتاس بتدوينةٍ نارية على صفحته في فيسبوك، قال فيها إن الحكومة التي جمعت بين المال والسلطة “أقبرت كل القوانين التي يمكن أن تساهم في محاربة الفساد”.
واستعرض الغلوسي لائحة طويلة من النصوص التي وُئدت قبل أن ترى النور: من تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح إلى التصريح الإجباري بالممتلكات، مرورًا بـ حماية المبلّغين عن الفساد وقانون احتلال الملك العمومي، وصولًا إلى المادة 3 من قانون المسطرة الجنائية التي وصفها بأنها “درعٌ واقٍ للإفلات من العقاب”.
وفي لغةٍ تجمع بين التحذير والغضب، شبّه الغلوسي الوضع المغربي بتجاربٍ من أمريكا اللاتينية، حيث تحوّل تحالف المال والنفوذ إلى مافياتٍ اخترقت المؤسسات واغتالت السياسة والأحزاب.
وقال بالحرف:
“نحن اليوم نعيش شيئًا من هذا! فحذارِ من تمدّد الفساد وقهر الناس وسلب الثقة والأمل والحلم منهم.”
ويضيف الغلوسي أن الرأي العام “يتابع كيف سرق اللصوص برامج التنمية ووظفوا الصفقات والسلطة لمراكمة الثروة المشبوهة وتهريب الأموال، بينما يُزَج بالبسطاء في السجن”، قبل أن يختم بعبارته اللاسعة:
“هذا هو القانون الذي يتحدث عنه الوزير المحترم!”
وراء لهجة الغلوسي الغاضبة، تتوارى مفارقة عميقة في الخطاب الرسمي المغربي:
فالحكومة التي ترفع شعار “تخليق الحياة العامة” علّقت، في الواقع، كل القوانين التي كان يُعوَّل عليها لتقويض اقتصاد الريع ومحاسبة المسؤولين المتورطين في تضارب المصالح.
القانون، كما يراه الغلوسي، لم يعد أداةً لتحقيق العدالة، بل واجهةً لتبرير الفساد حين يُستعمل لردع الضعفاء وترك الأقوياء في مأمنٍ من المساءلة.
ولعلّ السؤال الذي يفرض نفسه اليوم:
هل يمكن حقًّا بناء دولة الحق بالقوانين التي تُدفن حيّة؟
أم أن الإصلاح يبدأ حين تُستعاد روح العدالة قبل نصّها؟
