The Draft Law on Compensation for Road-Accident Victims: When the Minister of Justice Becomes the Lawyer of Insurance Companies and the Keys of Justice Are Handed to the Business Elite
القوانين في المغرب لا تولد دائمًا من رحم العدالة، بل أحيانًا من رحم اللوبيات التي تتقن فنّ الإقناع خلف الأبواب المغلقة، قبل أن تصل القاعة التشريعية.
ذلك ما يعكسه مشروع القانون رقم 70.24، الذي أحاله وزير العدل عبد اللطيف وهبي على البرلمان لتعديل ظهير سنة 1984 المتعلق بتعويض المصابين في حوادث السير.
كشفت مصادر إعلامية أن الصيغة الجديدة من المشروع جاءت مغايرةً لانتظارات الرأي العام، إذ منحت شركات التأمين سلطةً أوسع في تحديد مسار التعويضات، وقلّصت من مساحة الاختيار المتاحة للضحايا بين اللجوء إلى القضاء أو الصلح.
القانون الذي كان يُنتظر أن يرفع الغبن عن المتضررين، خرج في نهاية المطاف كمنحةٍ سياسية واقتصادية لشركات التأمين، يكرّس مزيدًا من السيطرة والهيمنة، ويمنح المؤسسات الكبرى الكلمة الأخيرة في تحديد مصير العدالة الاجتماعية.
القيادي في حزب العدالة والتنمية رضا بوكمازي حذّر في تدوينةٍ له من أنّ المشروع “يُجرّد الضحايا من حقهم في اختيار اللجوء إلى الصلح أو التقاضي”، مانحًا هذا القرار فعليًا لشركات التأمين التي صارت تتحكم في مصير القضايا كما تتحكم في الأسعار.
ويرى أن هذه المقتضيات تُفرّغ الاجتهاد القضائي المغربي من روحه الحمائية، وتعيد الاعتبار لمنطق “الصلح الإجباري” الذي يُقصي الضحية ويُعيد الامتياز للشركات.
لكنّ نقد بوكمازي يتجاوز البُعد القانوني إلى تشخيصٍ سياسيٍّ أعمق، إذ يضع المشروع في سياقٍ عام يطبع عمل حكومة عزيز أخنوش، التي تميل، حسب تعبيره، إلى “الانتصار لأصحاب المصالح الكبرى على حساب الضعفاء والبسطاء.”
تلك العبارة تختصر مفارقة الحكم الاقتصادي في المغرب: حكومة الأغنياء تكتب قوانين الفقراء.
وإذا أُقرّ هذا المشروع بصيغته الحالية، فسيكون ذلك دليلاً إضافيًا على أن البرلمان فقد جوهره كمؤسسةٍ تشريعية مستقلة، وتحول تدريجيًا إلى مكتبٍ للمصادقة داخل غرفة الباطرونا.
وحين يصبح التشريع امتدادًا لمكاتب شركات التأمين، لا تُقاس العدالة بمعايير الحقّ والإنصاف، بل بمعايير السوق والأرباح، وتتحوّل وزارة العدل إلى شريكٍ في كتابة قوانين الاقتصاد لا قوانين العدالة.
