بقلم: علي تستاوت
التنمية المستدامة لم تعد مجرد شعار، بل أصبحت استراتيجية حيوية للدول لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
ومع أن كل دولة تواجه ظروفًا خاصة بها، فإن الفوارق بين المغرب وبلجيكا في هذا المجال تبرز بوضوح، سواء على مستوى الموارد، السياسات، أو القدرة على التنفيذ.
في المغرب، تتسم جهود التنمية المستدامة بتركيز قوي على إدارة الموارد الطبيعية، خصوصًا المياه والطاقة الشمسية والرياح.
المشاريع الكبرى مثل محطة نور للطاقة الشمسية في ورزازات تظهر التزام المغرب بالتحول نحو الطاقات المتجددة. ومع ذلك، تواجه البلاد تحديات كبيرة، مثل محدودية الموارد المائية، التفاوت الإقليمي في التنمية، والضغوط السكانية المتزايدة في المدن الكبرى.
الحكومة المغربية وضعت سياسات واضحة ضمن المخطط الوطني للتنمية المستدامة، لكنها لا تزال بحاجة إلى تعزيز تطبيقها على المستوى المحلي وربطها بالمجتمعات المحلية.
في المقابل، بلجيكا، كدولة أوروبية متقدمة، تمتلك بنية تحتية متطورة لتطبيق سياسات التنمية المستدامة. التركيز ينصب على الابتكار البيئي، النقل المستدام، وإدارة النفايات بفعالية.
المدن البلجيكية مثل بروكسل وأنتويرب تشهد استثمارات كبيرة في الطاقة النظيفة، النقل الكهربائي، وتحسين جودة الهواء.
التحديات هنا تختلف عن المغرب، إذ تتعلق أكثر بتقليل الانبعاثات الكربونية، التكيف مع تغير المناخ، وضمان استدامة الاقتصاد مع حماية البيئة.
الفارق الرئيسي بين البلدين يكمن في الموارد والإمكانات التقنية. بلجيكا تستفيد من خبرة صناعية وبحثية قوية، وتمويل مستمر للابتكار البيئي، بينما المغرب يعتمد على مبادرات وطنية ومحلية محدودة نسبياً مع دعم دولي، ويواجه تحديات اقتصادية واجتماعية أكثر تعقيدًا.
لكن هناك عناصر مشتركة بين المغرب وبلجيكا، مثل الاهتمام بالطاقة المتجددة، تعزيز الوعي البيئي لدى المواطنين، وربط التنمية الاقتصادية بالممارسات المستدامة.
التعاون الدولي ونقل الخبرات بين الدول يمكن أن يعزز من قدرة المغرب على تطوير مشاريع مستدامة مشابهة للخبرة الأوروبية.
في النهاية، يمكن القول إن المغرب يسير بخطوات ثابتة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مستفيدًا من التجارب الدولية، بينما بلجيكا تقدم نموذجًا متقدمًا يركز على الابتكار البيئي والتوازن بين الاقتصاد والبيئة. دراسة الفروقات بين النموذجين تساعد على تبادل الخبرات وتطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة تحديات المستقبل.
علي تستاوت
خبير في الهندسة المدنية والبناء
باحث في التنمية المستدامة
مدير مكتب للدراسات و الأبحاث
مستشار استراتيجي بالهيئة الدولية للدبلوماسية الموازية
