كشفت مصادر إعلامية أن مقاطعة العيايدة بمدينة سلا، وهي من أكثر المقاطعات كثافةً سكانية، لا تزال تئن تحت وطأة الإهمال والتهميش، في ظل غياب شبه كلي للمرافق العمومية والفضاءات الخضراء، مقابل مشاريع سطحية لا تلامس الأولويات ولا تخدم حاجات الساكنة.
ورغم أن المقاطعة تضم عشرات الآلاف من السكان، إلا أن واقعها العمراني والبيئي يكاد يختزل في الأزبال المتراكمة، والأرصفة المحطمة، والمقاهي التي صارت المتنفس الوحيد في ظل غياب المنتزهات، والحدائق، والملاعب، وحتى أبسط فضاءات التنشيط المحلي.
في هذا السياق، تفجرت معطيات مثيرة عن صفقة حديثة أطلقتها مقاطعة العيايدة، تتعلق باقتناء “قطع فنية وهدايا تُقدم كجوائز”، بغلاف مالي بلغ 402,600 درهم (أكثر من 40 مليون سنتيم)، وهي صفقة أثارت استغراب المتابعين، خاصة وأنها تندرج في سياق يُفترض أن تُعطى فيه الأولوية للمشاريع البنيوية والتنموية.
الصفقة فازت بها شركة MFAP، في وقت تم فيه استبعاد عروض شركات أخرى لأسباب وُصفت بـ”الإدارية”، من بينها عرض أرخص وأكفأ من طرف شركة PRO FITNES، مما طرح تساؤلات حول معايير الترجيح، وغياب منطق النجاعة المالية.
عمدة خارج التغطية… ومدينة خارج الزمن الحضري
بعيدًا عن المقاطعة، تتجه الأنظار نحو عمدة مدينة سلا، عمر السنتيسي، الذي يُتهم من طرف الساكنة بعدم التفاعل مع معاناة أحياء مثل العيايدة، وعدم تقديم أي رؤية متكاملة للمدينة التي تُعد من أكبر التجمعات الحضرية في المغرب، لكنها تبدو اليوم بلا روح، وبلا عدالة مجالية، وبلا حد أدنى من جودة الحياة.
منتخبو المدينة، بحسب شهادات محلية، “لا يظهرون إلا في مواسم الانتخابات، ولا يحملون أي مشروع حضري واضح”، بينما تُدار المقاطعات بمنطق التدبير الموسمي والمناسباتي، حيث تُطلق الصفقات في غياب النقاش العمومي، وتُبرمج الميزانيات في غياب الرؤية.
ما يحدث في العيايدة ليس استثناءً، بل هو جزء من أعطاب بنيوية تعاني منها سلا بأكملها، مدينة تتوسع عمرانياً وتنكمش اجتماعياً، تترنح بين كثافة سكانية خانقة، وبنية تحتية مترهلة، وتسيير جماعي يفتقر للخيال، وللأولويات.
أما الحديث عن التنمية، فيبدو أقرب إلى الشعارات المستهلكة، أمام واقع تختلط فيه رائحة الأزبال برائحة التسيب الإداري، وانعدام المحاسبة.
فهل يحتاج المواطن السلاوي إلى جائزة رمزية، أم إلى حيّ نظيف، وفضاء عمومي لائق، وخدمات تحفظ له كرامته؟
وهل يُعقل أن تُصرف الملايين على شكليات، في وقت يُحرم فيه الأطفال من ملعب، والأسر من متنزه، والمواطن من حد أدنى من الأمل في التغيير؟