مع اقتراب الدخول الاجتماعي، تسود حالة من الترقب المشوب بالتوتر داخل المشهد النقابي، في ظل مؤشرات على تصعيد مرتقب من طرف أبرز المركزيات، التي أعادت رفع مطالب قديمة بصيغة جديدة، وسط أجواء تطغى عليها الهواجس الانتخابية أكثر من منطق الحوار الجاد.
تفيد معطيات متطابقة بأن الاتحاد المغربي للشغل يستعد للدخول في جولة جديدة من الضغط، واضعاً مطلب الزيادة العامة في الأجور على رأس أولوياته.
وفي تصريحات منسوبة للأمين العام، الميلودي موخاريق، أكد أن الحكومة عاجزة عن حل الملفات المتراكمة، ملوحًا بـ”دخول اجتماعي ساخن للغاية”.
وتشير تحليلات إعلامية إلى أن نبرة التصعيد من طرف بعض النقابات تتكرر بشكل دوري كلما اقتربت محطة انتخابية، سواء مهنية أو سياسية، وهو ما يطرح علامات استفهام حول استقلالية القرار النقابي، وصدقية الخطاب الاجتماعي حين يتحوّل فجأة إلى شعارات عالية السقف… ثم يخفت بعد الاقتراع.
موخاريق لم يُخفِ أيضاً امتعاضه من “تجاهل بعض الوزراء لدورية رئيس الحكومة بخصوص الحوارات القطاعية”، ما دفعه للتساؤل، بشكل ضمني، عن قدرة رئيس الحكومة على فرض الانضباط داخل فريقه.
من جهتها، تبدو حكومة أخنوش متعثرة في التواصل ومربكة في الفعل، إذ لا تزال تتعامل مع الحوار الاجتماعي بمنطق الجولات الشكلية، دون الالتزام بتعهدات واضحة.
وفي هذا السياق، عبّر بوشتى بوخالفة، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن مخاوف حقيقية من طريقة تمرير مشاريع القوانين، قائلاً إن الحكومة “تتحدث بلغة مرنة في الغرف المغلقة، ثم تفاجئ الجميع بصياغات قانونية قاسية”.
وتذهب آراء متقاطعة إلى أن هذا النمط من السلوك الحكومي لا يعكس فقط ارتباكاً داخلياً، بل يُفهم كمناورة لتأجيل الحلول وشراء الوقت إلى ما بعد الانتخابات المقبلة.
في ظل هذه المناخات المتكررة، تتساءل فئات واسعة من الشغيلة المغربية:
وهل الحكومة تشتغل بنية الإصلاح، أم بمنطق ضبط الإيقاع السياسي؟
ثم، لماذا لا يُترجم الصخب النقابي إلى مكتسبات حقيقية، بدل البقاء في حدود التنديد الموسمي؟
الإجابة الصامتة تكمن في الواقع الاجتماعي الذي لا يتغير:
القدرة الشرائية تواصل التآكل، الحوار يتعثر، والملفات تراوح مكانها.
لا النقابة حرّرت الأجر، ولا الحكومة رفعت الغبن، ولا المواطن خرج من الدائرة الرمادية.
وفي كل دخول اجتماعي، يعود نفس السيناريو… بديكور مختلف.
								