في الوقت الذي يُحاسَب فيه المواطن على درهم ناقص في فاتورة الماء والكهرباء، تبدو البنوك وكأنها تعيش فوق القانون، تمارس الزيادات والتغييرات كما تشاء، فيما تكتفي الحكومة بدور المتفرج.
الجامعة المغربية لحقوق المستهلك عبّرت في بيانها الأخير عن استياء عميق من تفاقم الاختلالات في الخدمات البنكية.
أبرز هذه الاختلالات تجلّى في زيادات غير مبررة: رسوم التحويلات قفزت من عشرة دراهم إلى ثلاثة وثلاثين، أسعار بطاقات الشباك الأوتوماتيكي تضاعفت حتى بلغت 199 درهماً، ورسوم حفظ الحساب أصبحت تحتسب شهرياً بدل ثلاثة أشهر مع بقاء التسعيرة ثابتة، أي أن المعادلة محسومة دائماً لصالح البنك.
الأدهى من ذلك أن الحصول على قرض لم يعد مجرد علاقة مالية، بل أصبح مشروطاً بالانخراط في شركات تأمين يفرضها البنك على الزبون، في خرق واضح لمبدأ حرية التعاقد. لتكتمل الصورة بصرافات آلية فارغة من السيولة في الأعياد والعطل، وكأن خدمة المواطن آخر ما تفكر فيه هذه المؤسسات.
القانون 31.08 ينص بوضوح على حماية المستهلك وحقه في الإعلام الشفاف، غير أن البنوك تمارس عكس ذلك، والحكومة تلتزم الصمت. فهل نحن أمام مؤسسات مالية أم أمام “دولة داخل الدولة” تضع مصالحها فوق كل اعتبار؟
الجامعة دعت المشرّعين إلى التريث في تعديل القانون 31.08، قبل أن تُحسم قضية الإفراط في الاستدانة وضبط الممارسات التعسفية للبنوك.
لأن الخطر ليس في تفاصيل تقنية، بل في اختلال ميزان القوة بين مواطن يبحث عن خدمة وبين بنك يفرض شروطه بالقوة.
يبقى السؤال معلقاً: من يحمي المغاربة من تغوّل البنوك؟ ومن يراقب الحكومة التي تركت هذا القطاع يضع قوانينه بنفسه؟