قال فوزي لقجع إن المغرب جاهز لاحتضان كأس أمم أفريقيا 2025، وإنها ستكون أفضل نسخة في تاريخ المسابقة.
كلمات رنانة تصفق لها الكاميرات وتطرب لها المنصات، لكنها تتبدد عند أبواب المستشفيات حيث الواقع أكثر قسوة من كل الوعود.
يوم أمس فقط، خرجت ساكنة أكادير في مظاهرة غاضبة أمام مستشفى لم يعد يوصف إلا بعبارة جارحة: “الداخل مفقود والخارج مولود”.
شعار اختصر حجم المأساة، وأثبت أن المواطن ما زال يبحث عن أبسط حقوقه: الحق في الحياة.
الملاعب تُشيّد في آجال قياسية وتُرصّع بالإنارة والواجهات، بينما المستشفيات تترنح تحت سقوف متداعية وأقسام عاجزة عن استقبال المرضى.
تُصرف الملايير على المدرجات والكراسي والشاشات العملاقة، فيما المدارس تفتقر إلى مقاعد لاحتضان التلاميذ، والسكن اللائق يظل حلماً بعيد المنال. فأي منطق هذا الذي يجعل الكؤوس أولوية، بينما الأرواح تُترك رهينة الانتظار الطويل؟
لقجع يتفقد ملاعب الكان والمونديال ويطمئن على سير الأشغال، لكن من يتفقد معاناة الأسر في أقسام المستعجلات؟ من يسائل الحكومات عن تردي التعليم وتفاقم أزمة السكن؟ ومن يجرؤ على فتح دفاتر المحاسبة لمعرفة أين تذهب الأموال، وكيف تُفتح الخزائن بسخاء للكرة بينما تُغلق في وجه الأساسيات التي يقوم عليها العيش الكريم؟
في ميزان السياسة، يُراد للمغرب أن يظهر كبلد جاهز أمام الكاف والفيفا، لكن السؤال الحقيقي: هل هو جاهز أمام مواطنيه؟ هل يكفي أن نربح المجد الرياضي بينما نفشل في منح الناس سرير علاج، أو مقعد دراسة، أو سقفاً آمناً؟
إنها المفارقة التي تُلخص معركة الحاضر: مسؤولون يطاردون الألقاب الرياضية، ومواطنون يطاردون الحق في الحياة. وفي النهاية، الكؤوس تُعرض في المتاحف، أما الأرواح التي تُهدر فلا تُعوض أبداً.