Bensaid and Artificial Intelligence… Beautiful Solutions for a Fragile Reality
ردّاً على سؤال كتابي موجّه إليه حول وضعية الفن والثقافة في الوسط القروي، عرض وزير الثقافة والشباب والتواصل محمد المهدي بنسعيد تصوراً يقوم على “ثورة رقمية” لتقريب الثقافة من الشباب: مكتبة رقمية تضم أكثر من 328 ألف كتاب، منصات إلكترونية، ذكاء اصطناعي، برامج دعم، وقوافل متنقلة للقراءة.
الجواب جاء منظماً ومشحوناً بمعطيات رقمية، غير أن الواقع يكشف صورة مختلفة.
قبل أيام فقط، برزت فضيحة مدرسة أولاد عيشي حيث اضطر التلاميذ للدراسة في الهواء الطلق، فوق التراب وتحت البرد. مشهد يلخّص هشاشة البنيات الأساسية التي يُفترض أن تحتضن الثقافة قبل أن تحتضن الرقمنة.
إذا كانت المدرسة نفسها بلا سقف، فكيف يمكن الحديث عن “الوصول الرقمي” و”الثقافة الافتراضية”؟
السؤال الملحّ اليوم هو: هل يقرأ الشباب خارج المدرسة فعلاً؟ وإذا كان الجواب نعم، فأين؟ وفي أي فضاء؟ وبأي تجهيزات؟ وكيف يمكن لشاب يعيش في قرية بلا مكتبة، وبلا إنترنت مستقر، وبلا قاعة للقراءة، أن يستفيد من آلاف الكتب الإلكترونية؟
الحلول الرقمية التي قدّمها بنسعيد تبدو جذابة على مستوى الخطاب، لكنها تقلّ فعاليتها حين توضع أمام الواقع.
الذكاء الاصطناعي لا يعوّض غياب المكتبات، والمنصات الرقمية لا تقوم مقام الأندية الثقافية، والكتاب الإلكتروني لا يصل إلى شاب لا يتوفر على الوسائل التقنية لقراءة أبسط ملف.
الظاهر يشبه تركيب شاشة حديثة في جدار غير موجود.
أما الدعم الثقافي الذي أشار إليه الوزير، فيطرح بدوره أسئلة حول مدى وصوله الفعلي إلى القرى. المبادرات الفردية والمجهودات المتفرقة هي التي تملأ الفراغ، بينما الدينامية الثقافية المتواصلة تظل محدودة.
وبخصوص القافلتين المتنقلتين، فهما مبادرة مهمة من حيث الفكرة، لكن أثرهما يظل محدوداً أمام بلد يضم أكثر من 1300 جماعة قروية. من الصعب بناء حياة ثقافية واسعة على نموذج بهذه السعة المحدودة.
في نهاية المطاف، يبرز السؤال الجوهري: كيف يمكن بناء سياسة ثقافية بلا بنية ثقافية؟
التلاميذ الذين يدرسون في العراء يختصرون كل شيء.
قبل الحديث عن الرقمنة، يجب ضمان الحق في التعليم، في القراءة، في الفضاء الثقافي، وفي الحد الأدنى من الشروط التي تسمح للثقافة بأن تبدأ قبل أن تُرقمن.
الحديث عن 328 ألف كتاب رقمي خطوة مهمة… لكن الأهم أن يجد الشاب القروي مكاناً يقرأ فيه كتاباً واحداً.
الحلول جميلة… والواقع هش بما يكفي ليُظهر ذلك بوضوح.
