Wahbi Warns Against “Justice Brokers”… A Deeper Trust Crisis Emerges
اختار وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين، تسليط الضوء على تنامي ظاهرة ادعاء النفوذ داخل قطاع العدالة.
وأشار إلى انتشار أشخاص يقدّمون أنفسهم، عبر المنصات الرقمية وفي الحياة اليومية، كوسطاء قادرين على التأثير في مسار القضايا استناداً إلى علاقات يدّعون امتلاكها مع مسؤولين وقضاة.
هذا التحذير لم يمرّ مروراً عادياً، بل أعاد طرح أسئلة أوسع حول البيئة التي تسمح بنشوء هذه الظواهر، وما تكشفه من فجوة ثقة تتسع بين المواطن ومؤسسة العدالة.
ورغم أن تصريحات وهبي بدت للوهلة الأولى موجّهة نحو ممارسات فردية، إلا أنها حملت بين سطورها اعترافاً ضمنياً بأن هذه السلوكيات ليست طارئة، بل وليدة واقع يشعر فيه المتقاضي بأن الطريق الرسمي نحو حقوقه بطيء، معقد، أو محاط بضباب يفتح الباب أمام من يبيع الوهم في لحظات الضعف.
وعرض الوزير مثالاً يختزل هذه المفارقة، حين أخبر رجلٌ مُؤجّره بأنه “يعرف الوزير” وأن الحكم سيكون ضده.
حادثة بسيطة في ظاهرها، لكنها تكشف المسافة الواسعة بين المواطن والمؤسسة؛ فالفرد لا يلجأ للوسيط إلا حين يعتقد أن النظام القضائي لا يمنحه اليقين الذي يحتاجه، أو حين يشعر بأن الوصول إلى العدالة يتطلب “باباً خلفياً” لا يعرفه الجميع.
وتوقف وهبي أيضاً عند مشروع تثبيت الكاميرات داخل المحاكم، خطوة تقنية تهدف إلى ضبط الحركة داخل المرافق القضائية والحد من استغلالها من طرف المتلاعبين.
غير أن هذا الإجراء، رغم قيمته التنظيمية، لا يلامس جوهر الأزمة. فالكاميرا تراقب الممرات، لكنها لا تعالج بطء المساطر، ولا تسهّل الولوج إلى المعلومة القانونية، ولا تختصر المسافة التي يشعر بها المواطن بينه وبين مؤسسات العدالة.
وفي خضم هذا النقاش، شدّد الوزير على أن “الملف هو وحده من يقرر وليس العلاقات”.
جملة ذات وقع قانوني قوي، لكنها تظل في نظر كثيرين بحاجة إلى إثبات ميداني لا لغوي.
فحين تتأخر الأحكام أو تتعثر المساطر، يصبح الوعد الزائف الذي يقدّمه “سمسار النفوذ” أقرب إلى التصديق من النصوص القانونية، مهما بلغت قوة خطابها.
وتبدو الظاهرة التي حذّر منها وهبي أبعد من الأفراد الذين يستغلون حاجات الناس، وأعمق من منصات رقمية تُروَّج فيها هذه الادعاءات. إنها انعكاس لحاجة ملحّة إلى إصلاح يعيد للمواطن يقينه بأن العدالة مؤسسة واضحة، شفافة، ومتاحة للجميع دون تمييز.
فحين يغيب هذا اليقين، تتسع الظلال التي يتحرك فيها الوسطاء، وتضيع الحدود بين القانون والوهم.
إن مواجهة “سماسرة العدالة” لا تقوم على مطاردتهم بقدر ما تقوم على تجفيف البيئة التي تمنحهم شرعية زائفة.
وفقط عندما يشعر المواطن بأن العدالة تقف إلى جانبه دون وسيط، تختفي الحاجة إلى من يبيع نفوذاً لا يملكه أحد من الأصل.
